ثانوية علي شيهان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

أسباب سقوط الدولة العثمانية ...مفصلة للافادة

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

khadidja

khadidja
عضو فعال
عضو فعال

لماذا اختيار هذا الموضوع ؟ أهمية البحث في مثل هذه المواضيع ؟
لقد دعا القرآن الكريم إلى دراسة شؤون الأمم الغابرة وبين كيف أنها سقطت وتلاشت حينما ظلمت { ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون }
{ و إذا أردناأن نهلك قريةأمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا } فالشرط في تصاعد الخط البياني هو عدم الانحراف عن منهج الله وقد أشار ابن خلدون على الرغم من آرائه الأخرى حول موضوع الدولة إلى ضرورة حمل الكافة - أي كافة الناس - على شريعة الله إذا ما أردنا تجنب مساوئ الملك الطبيعي والسياسي . وكان الانحراف عن منهج الله يزداد والخط البياني ينزل هابطاً ولكن كانت هناك طفرات في التاريخ الإسلامي يرتفع بها ذلك الخط قليلاً فهناك المجددون .
وهى كما ذكر ابن خلدون عندما جعل للدولة أعمارًا طبيعة كالأشخاص، فهو لم ينس أن يربط عمر الدولة هذه بطبيعة الملك ،إذ يقول : إذا استحكمت طبيعة الملك من الانفراد بالمجد وحصول الترف والدعة أقبلت الدولة على الهرم…
وفي عهود العثمانيين الأوائل ارتفع الخط ولكنه عاد للهبوط بعد انقضاء عهد السلاطين العشرة الذين أرسوا كيان الدولة وعزروا قوتها ومدوا فتوحاتها وكان دائماً الالتزام بمنهج الله هو الأساس ـ وسيمر معنا مواقف خالدة لبعض هؤلاء السلاطين تبين بوضوح هذه النقطة
و بدأ الانحراف عن منهج الله صغيراً ثم ازداد الانفراج واتسع تدريجيا ثم تحول إلى ملك عضوض بالقوة أو بالإكراه حتى أصبحت الهرقلية أمراً متعارفاً عليه
الدولة العثمانية : 699 ـ 1343 هـ ( لمحة موجزة)
العثمانيون من شعب الغز التركي ، وأصلهم من بلاد التركستان ، نزحوا أمام اكتساح جنكيز خان لدولة خوارزم الإسلامية ، بزعامة سليمان الذي غرق أثناء عبوره نهر الفرات سنة 628 هـ فتزعم القبيلة ابنه أرطغرل الذي ساعد علاء الدين السلجوقي في حرب البيزنطيين فأقطعه وقبيلته بقعة من الأرض في محاذاة بلاد الروم غربي دولة سلاجقة الروم. وهذه الحادثة حادثة جليلة تدل على ما في أخلاقهم من الشهامة والبطولة.
ويعتبر عثمان بن أرطغرل هو المؤسس الأول للدولة العثمانية،وبه سميت ،عندما استقل بإمارته سنة 699 هـ وأخذت هذه الإمارة على عاتقها حماية العالم الإسلامي،وتولت قيادة الجهاد،وأصبحت المتنفس الوحيد للجهاد ،فجاءها كل راغب فيه…
وفي عام 923 هـ انتقلت الخلافة الشرعية لسليم الأول بعد تنازل المتوكل على الله أخر خليفة عباسي في القاهرة…
وبهذه العاطفة الإسلامية المتأججة في نفوسهم ممتزجة بالروح العسكرية المتأصلة في كيانهم ، حملوا راية الإسلام ، وأقاموا أكبر دولة إسلامية عرفها التاريخ في قرونه المتأخرة… وبقيت الحارس الأمين للعالم الإسلامي أربعة قرون،وأطلقت على دولتهم اسم (بلاد الإسلام) وعلى حاكمها اسم (سلطان) وكان أعز ألقابه إليه (الغازي) أي:المجاهد..واللفظان العثماني والتركي فهما من المصطلحات الحديثة…وحكمت بالعدل بالعمل بالشرع الإسلامي في القرون الثلاثة الأولى لتكوين هذه الدولة…
نعم : إن العثمانيين الذين تبوأوا منصباً في عهد سلاطينهم الفاتحين ووسعوا رقعة بلاد الإسلام شرقاً وغرباً واندحرت الأطماع الصليبية أمامهم وحقق الله على أيديهم هزيمة قادة الكفر والتآمر على بلاد المسلمين وارتجفت أوروبا خوفاً وفزعاً من بعض قادتهم أولئك كانت الروح الإسلامية عندهم عالية . . وكانت روح الانضباط التي يتحلى بها الجندي عاملاً من عوامل انتصاراتهم وهي التي شجعت محمد الثاني على القيام بفتوحاته .
وكانت غيرتهم على الإسلام شديدة وكثر حماسهم له لقد بدأوا حياتهم الإسلامية بروح طيبة وساعدتهم الحيوية التي لا تنضب إذ أنهم شعب شاب جديد لم تفتنه مباهج الحياة المادية والثراء ولم ينغمس في مفاسد الحضارات المضمحلة التي كانت سائدة في البلاد التي فتحوها ولكنهم استفادوا منها فأخذوا ما أفادهم وكانت عندهم القدرة على التحكم والفتح والانتصار وقد أتقنوا نظام الحكم وخاصة في عصر الفاتح ، إذ كان هناك نظام وضع لاختيار المرشحين لتولى أمور الدولة بالانتقاء والاختيار والتدريب والثقافة كما كانوا يشدد ون في اختيار من تؤهله صفاته العقلية والحسية ومواهبه الأخرى المناسبة لشغل الوظائف وكان السلطان رأس الحكم ومركزه وقوته الدافعة وأداة توحيده وتسييره وهو الذي يصدر الأوامر المهمة والتي لها صبغة دينية وكان يحرص على كسب رضاء الله وعلى احترام الشرع الإسلامي المطهر فكان العثمانيون يحبون سلاطينهم مخلصين لهم متعلقين بهم فلم يفكروا لمدة سبعة قرون في تحويل السلطة من آل عثمان إلى غيرهم .ولكن الأمور لم تستمر على المنهج نفسه والأسلوب الذي اتبعوه منذ بزوغ نجمهم في صفحات التاريخ المضيء فقد بدأ الوهن والضعف يزحف إلى كيانهم .


يتبع . . .

khadidja

khadidja
عضو فعال
عضو فعال

وبعد ذكر أسباب السقوط والانحطاط …لا بد أن نذكر شيئاً عن إيجابيات الدولة العثمانية
لا شك أن الدولة العثمانية لم تسلم من أخطاء بل أخطاء فادحة،كانت سببًا في زوال الدولة: وإن من يدرس ، بإنعام نظر ، كل سبب من هذه الأسباب التي سوف تذكر.. لا يعجب من انهيار هذه الدولة العظيمة تحت سياط هذه الضربات بل يعجب كيف استطاعت أن تعيش ستمائة سنة وهي تتحمل هذه الضربات القاسية ….
وترجع هذه الأسباب في نظري إلى :
1/ مخالفة منهج الله .فالدولة العثمانية منذ أن قامت كانت العاطفة الإسلامية جياشة قوية ، فلما تبعها التربية الإسلامية والتدريب السليم للنظام العسكري الجديد كانت القوة وكان الفتح وكان التوسع ، فلما ضعفت التربية الإسلامية زادات أعمال السلب والنهب والفسق والفجور واستمر الانحراف وظهرت حركات العصيان وفقدت الدولة هيبتها بسبب انصراف السلاطين إلى ملاذاتهم
2/ تشجيع الصوفية:
3/ عدم اتخاذ الإسلام مصدرًا أساسيًا للتشريعات والقوانين والأنظمة التي تسير عليها الدولة،فكثرت إصدار التشريعات والقوانين الوضعية فيما سمي بالتجديدات وذلك بسبب الضغوط الأوروبية…
4/الحروب الصليبية التي شنت على الدولة والتي لم تنقطع منذ ظهورها إلى يوم انهيارها والكلام هنا يطول ويكفي التلميح إلى الحملة الفرنسية على مصر والحملة الفرنسية على الجزائر والتوسع الروسي في بلاد قفقاسيا وتهجير سكانها من داغستان وشاشان وشراكس عام 1282 هـ . والحملة الإنكليزية على مصر وعدن واستيلاء الطليان على طرابلس الغرب .
أما المناوشات والغزوات العسكرية والحركات الانفصالية التي أشعلتها الصليبية العالمية في ممتلكات العثمانيين في أوروبا فهي من الأهمية بمكان إذ لم يخل عهد سلطان منها
5/ توسع رقعة الدولة :
شغلت الدولة في أوج قوتها وتوسعها مساحة من الأرض تزيد عن أربعة عشر مليونا من الكيلومترات والأمر يختلف عما هو علية في وقتنا الحاضر إذ أن سياسة دفة الحكم في عهد كانت مواصلاته وسائلها الدواب والعربات وبريدها يستغرق الشهور الطويلة والسنين ، وقد تحصنت بالحواجز الطبيعية من أنهار وبحار وجبال وغيرها . والظن أن إعلان الحركات المتمردة والعصابات المتكررة فيها ربما يكون في غاية السهولة كما أن إخمادها أيضاً في غاية الصعوبة . ولم تحتفظ الدولة بتماسكها على الرغم مما أصابها من زلازل ونكبات طيلة ستة قرون إلا بفضل عامل الدين ورابطة العقيدة على الرغم من ظهور من استهان بها ورفع رأسة هنا وهنالك ولكن لم يتجرأ على إعلان بترها أو إلغائها إذ أن رابطة العقيدة أهم عامل حاسم في كيان الأمم وقد استطاعت تلك الرابطة أن تجمع بين الترك والعرب والكرد والشركس والشاشان والداغستان وغيرهم لقرون طويلة حتى قام أعداء هذا الدين وفرقوا شتات الأمة الواحدة بإثارة العصبية الإقليمية التي وصفها الرسول e بأنها منتنة .
يقول العلامة ( عبد الرحمن بن خلدون ) والمتوفى في عام 808 هـ . في مقدمته العظيمة التي أسماها ( كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر ) : أن الدول القديمة المستقرة يفنيها شيئان : أولهما أن تنشأ مطالبة من الأطراف ، وهذه الولايات التي تطالب بالاستقلال لا تبدأ بمطالبها إلا إذا تقلص ظل الدولة عنهم وانحسر تيارها ، واما السبب الثاني لانقضاء الدولة المستقرة فيأتي من دعاة وخوارج في داخل هذه الدولة المستقرة ، فيبدوان بالمطالبة ( أولا ) بمطالب صغيرة وليست ذات بال ، ويكون لهؤلاء الدعاة السلاح النفسي الوهمي والمطاولة في طلب الحقوق التي تبدأ صغيرة ثم تنتهي إلى مقصد هيبة الدولة ونظامها ، ولعل أكثر ما يساعد هؤلاء الخارجين على نظام الدولة هو ما يحصل من فتور في همم اتباع هذه الدولة المستقرة ، وفي لحظة من اللحظات وعندما تتضح هرم الدولة المستقرة وتضمحل عقائد التسليم لها من قبل قومها مع انبعاث همم المطالبين بأشياء وأشياء في داخلها ، عندئذ تكتب سنة الله في العباد سطرها الأخير في كتاب العلم الإلهي ، وهذا السطر يفيد بزوال الدولة المستقرة وفناء عمرها ، لأن خللا وافر أقد غزا جميع جهاتها ، ويتضح ذلك للمطالبين من الأطراف ، أو في داخل هذا الخلل الذي اسمه الدولة ، عندها ينكشف ما خفي من هرمها واقتراب تلاشيها ، وفي تلك الاوقات من حياة الأمة المعنية ، يبدأ المرحلة الأخيرة من المناحرة والتي نتيجتها تكون مؤكدة : نشوء دول جديدة مستحدثة وأنظمة على أنقاض الدولة الفانية التي ( كانت ) مستقرة . وكلام العلامة ( أبن خلدون ) هذا ينطبق اكثر ما ينطبق على الدولة العثمانية ، ففي اتساعها وضم أقاليم عديدة تحت لوائها وحكمها ، كان المقتل وكان الخلل من حيث كان يعتقد أن في هذا منتهى القوة والمنعة ،خاصة أن نحن علمنا أن هذه الأقاليم والأمصار تضم قوميات عديدة
6/التخلف العلمي :
وهو الذي لا يزال قائماً حتى اليوم وعلى الرغم من مرور أكثر من نصف قرن على الحركة العلمانية الكمالية التي عزته إلى التمسك بالدين . عن العثمانيين قد جاءوا إلى بلاد الأناضول بدواً ولم يتحضروا بل شغلتهم الحروب ولم ينصرفوا إلى العلم بسبب الانشغال بالفتوحات والحروب المستمرة في كل الجبهات ، ولم يسمح لهم الأوروبيون بالاتفات إلى العلم ولا إلى التخطيط لذا استمروا في طبيعة البداوة فأبدوا انتصارات وقدموا خدمات ، والفرق بينهم وبين الاستعمار أن الاستعمار يحرص على تقدم بلاده على حين يبذل جهده في بقاء سكان المناطق التي يحتلها على حالة من الجهل والتخلف أما هم فكانوا وغيرهم من هذه الناحية على حد سواء . وحينما انهزمت الدولة عام 1188 هـ . الموافق 1774 م انتبهت قليلاً وبدأ سليم الثالث بالإصلاح وإنشاء المدارس الجديدة وكان هو نفسه يعلّم في مدرسة الهندسة وألف جيشاً حديثاً حتى ثار عليه الجيش القديم وأغتاله . وقد مكن ذلك التخلف الغرب من التفوق المادي فاخترع الأسلحة الحديثة ووسائل الصناعة وبدأ عصر الآلة والبخار والكهرباء وانطبق قول الله عز وجل : ] كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلاًّ ولا ذمة [ . فظهروا على المسلمين بعد أن كانت لهم الغلبة ولم يتورعوا في استخدام ما توصلوا إليه من أسلحه الدمار والخراب ضدهم وحاولوا التشكيك في عقيدتهم وتاريخهم ، ولو أن صلابة الروح بقيت كما كانت سابقاً لما تمكن أعداء هذا الدين من أهله كما يتمكنون منهم اليوم فقد كانت حروبهم الصليبية تباعاً ولم تتوقف أبدا ولكنهم تصطدم بصخرته المنيعة الصلبة فتتحطم حملاتهم وتتبعثر جيوشهم وتذهب مكائدهم أدراج الرياح . وقد عبأ الإسلام هذه الأمة مادياً ومعنوياً فقال تعالى : ] وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل .. [ . وقد حذّرنا القرآن منهم فقال جلّ وعلا : ] ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردّوكم عن دينكم إن استطاعوا [ . ولكن الصليبيين تمكنوا من بث أفكارهم بدل العلوم والصناعة …
7 / كان العثمانيون يكتفون من البلاد المفتوحة بالخراج ، ويتركون السكان على وضعهم القائم من العقيدة واللغة والعبادات ، إذ يهملون الدعوة والعمل على نشر الإسلام وإظهار مزايا الإسلام من المساواة والعدل والأمن وانسجامه مع الفطرة البشرية
8/ ضعف الدولة العثمانية في أواخر عهدها جعل الدول الأوروبية تتآمر عليها فأثاروا ضدها الحركات الانفصالية السياسية والدينية ، كما استغل دعاة القومية والصهيونية هذا الضعف مما جعلهم يقومون بحركات لتقويض هذه الدولة .
9/ الحركات الانفصالية والتمردات المحلية :
نتيجة للتفوق الصليبي قام أوروبا بحبك المؤامرات ضد المسلمين ودفعوا الدمى المصطنعة من طلاب الزعامة وغذوا أوكار الحاقدين والجهلة وشجعوا على العصيان .
أصبح سفراء الدول الغربية يتدخلون في الشؤون الداخلية والسياسية الخارجية للدولة…حتى وصل الأمر بهم أن هددوا الدولة العثمانية بقطع العلاقات لدولهم إذا قامت الدولة بأي إجراء انتقامي ..خاصة لدول البلقان..
أما في جهات الشرق فكان خصوم العثمانيين التقليديين يشعلون الثورات بين الحين والآخر ، ولعل أهم الحركات الانفصالية التي أضعفت الدولة كانت حركة محمد علي باشا في مصر .
وأخيراً تأتي دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب ـ أو كما يطلق عليها أغلب كتاب التاريخ الحديث الحركة الوهابية ـ التي قامت في الجزيرة العربية ! ويضعها بعض الكتاب ضمن أسباب ضعف الدول العثمانية…وهي كذلك ولكن ليس من الوجه التي يقصدونها..وإنما بسبب قضائهم على الدولة السعودية الأولى التي قامت على التوحيد..وكانوا سببًا في القضاء عليها..فقد يكون عقابًا من الله تعالى وانتقامًا لها بسقوط هذه الدولة العثمانية


يتبع . . .

khadidja

khadidja
عضو فعال
عضو فعال


10/ الامتيازات التي كانت تمنح للأجانب اعتباطاً بسخاء وكرم لا مبرر لهما بل كانت تمثل التفريط بحق الوطن في اقبح صورة ، فقد منحت الدولة العثمانية ، وهي في أوج عظمتها وسلطانها ، امتيازات لدول أجنبية جعلتها شبة شريكة معها في حكم البلاد . ولا أرى سبباً لهذا الاستهتار ألا الجهل وعدم تقدير الأمور قدرها الحقيقي وتقدير قوة ودهاء الدول التي منحت هذه الامتيازات والعاقل لا يستهين بعدوه مهما كان صغيراً وضعيفاً .
وهي من التساهلات التي يمكن أن تعد أخطاء نظراً لنتائجها التي ظهرت بعد حين وقد منحت تلك الحقوق للأجانب أولاً ثم لبعض السكان المحليين فيما بعد وقد أراد السلطان سليمان القانوني أن يعيد الطريق التجاري إلى البحر المتوسط بعد أن تحولت إلى رأس الرجاء الصالح وذلك بإعطاء امتيازات وعقد معاهدات مع الإيطاليين ثم الفرنسيين والإنكليز ليشجعهم على الإبحار عن هذه الطريق ولكن أولئك النصارى جميعاً كانوا يبدون للسلطان رغبتهم في التحول ويعملون على الكيد له في الخفاء . هذه الاتفاقيات ظنها السلطان سليمان لا قيمة لها ما دامت القوة بيده حيث يلغيها متى شاء ويمنحها متى أراد والواقع أن الضعف الذي أصاب الدولة قد جعل من هذه الاتفاقيات قوة لهؤلاء الأجانب أولاً ولرعاياهم النصارى من سكان ومواطني الدولة العثمانية ثانياً . وكانت الامتيازات في البدء بسيطة ولكن نجم عنها تعقيدات كثيرة فيما بعد .
( منظمة التجارة العالمية الآن بقوانييها التي سوف تحكم العالم تجعل من حق الشركات أن تقيم مصانعها في أية بقعة من العالم،وأن تأتي بالعمالة الرخيصة من أيه بقعة من العالم،وأن تخرج عوائدها إلى البلد الذي تريد ومن البلد الذي تريد…
وقد حولت الامتيازات إلى اتفاقات ثنائية فأصبح بإمكان السفن الفرنسية دخول الموانئ العثمانية تحت حماية العلم الفرنسي ومنح الزوار حرية زيارة الأماكن المقدسة والإشراف عليها وحرية ممارسة الطقوس الدينية هناك . ثم أصبح مع مرور الزمن وكأنها حقوق مكتسبة ثم توسعت وشملت بعض السكان المحليين كالإعفاء من الضرائب والاستثناء من سلطة المحاكم الشرعية العثمانية والتقاضي في محاكم خاصة سموها المحاكم المختلطة وقد لعبت دورا كبيرا فيما بعد . وأصبح لروسيا مثلاً بموجب معاهدة كينارجي حق بناء كنيسة باستانبول وحق حماية النصارى التابعين لمذهبها الأرثوذكسي من رعايا الدولة ، وفي عهد السلطان عبد المجيد تقرر منح أهالي لبنان حكومة مستقلة تحت سيادة الدولة العثمانية يكون حاكمها نصراني ويكون للباب العالي حماية مؤلفة من 300 جندي فقط ترابط على الطريق الموصل بين دمشق وبيروت ، وبذلك تشجعت أقليات أخرى ، وطالب النصارى في البوسنة بتحريض أجنبي الحصول على امتيازات فقاومتهم الدولة ولكنهم لم يركنوا للهدوء وازدادوا من عصيانهم بدعم أوروبا لهم . لقد ساعدت الامتيازات على إشعال بؤر الفتن وأربكت الدولة وشغلتها عهوداً طويلة واتخذت ذريعة لتدخل الدول بحجة حماية الرعايا وبالتالي الاحتلال والعدوان .
11/ الغرور الذي أصاب سلاطين بني عثمان الذين فتحت لهم الأرض أبوابها على مصراعيها يلجونها كما يشاءون . وإن من يقرأ كتاب الملك سليمان القانوني إلى ملك فرنساء لايجد فيه ما يشبه كتاب ملك إلى ملك أو إمبراطور عظيم إلى ملك صغير او حتى إلى أمير ، بل يجده وكأنة كتاب سيد الى مسود ومن يطالع صيغ المعاهدات ، في أوج عظمة الدولة ، وما كان يضفى فيها على سلاطين بني عثمان من ألقاب يكادون يشاركون بها الله تعالى في صفاته بينما تكون ألقاب الأباطرة والملوك عادية ، أقول إن من يطالع صيغ هذه المعاهدات يدرك إلى أي حد بلغ بهؤلاء السلاطين الجهل والغرور
12/الجيش الإنكشاري :
هو الجيش الذي أنشأه السلطان أو رخان باختيار أفراد ه من أبناء البلاد الأوروبية المفتوحة وتلقينهم مبادئ الدين الإسلامي ووضعهم في ثكنات عسكرية خاصة وتدريبهم على فنون الحرب والقتال . ولقد أبلى ذلك الجيش بلاء حسنا في كافة المعارك التي خاضها العثمانيون إبان قوتهم فكانوا يندفعون كالأسود في ساحات القتال وكان لهم الفضل في ترجيح كفة النصر في المعركة الحاسمة يوم فتح القسطنطينية وغيرها من المعارك الشهيرة . ثم مع مرور الزمن بدأ الوهن يتسرب إلى صفوفهم عندما عاشوا بين المدنيين وكثرت تعدياتهم بصفتهم العسكر المختص بهم السلطان.
فما اختلط الجند بأهل المدن إلا وقد فسدت طبيعتهم وتغيرت أخلاقهم وتبدلت مهمتهم وأصبح البلاء في وجه الحكم منهم والعداء للسكان من أعمالهم وصاروا يتدخلون في شؤون الدولة وتعلقت أفئدتهم بشهوة السلطة وانغمسوا في الملذات والمحرمات وشق عليهم أن ينفروا في أوقات البرد الشديد ونظروا إلى العطايا السلطانية ومالوا إلى النهب والسلب حين غزو البلاد . فأثاروا الاضطرابات يريدون الحروب ولو كان جحيمها يصب فوق رؤوسهم ليواصلوا نهب البلاد المفتوحة، وأصبحوا ينقضون العهود ويخرقون الهدنة للذين تمت معهم عن طريق السلطان..
وبذلك نسوا الغاية التي وجدوا من أجلها . لقد كانت فاتحة أعمال السلطان مراد الثالث عام 982هـ . هي إصدار أمر بمنع شرب الخمور فهاجوا وماجوا حتى اضطروه لإباحته ضمن شروط لخوفه من نقمتهم .

يتبع . . .

khadidja

khadidja
عضو فعال
عضو فعال

وهكذا فإن الجيوش لا تهزم إلا حينما تترك عقيدتها ولا تلتزم بمبادئها .
إن وثوب الانكشارية إلى مركز القيادة في الدولة العثمانية جعلها في حالة خطيرة من الفوضى فصاروا هم الأمرون والناهون والسلطان ألعوبة بأيديهم فظهر الفساد وضاعت البلاد . ثاروا في استانبول والقاهرة وبودا ،يطالبون بإشعال الحروب حينما اقتضت المصلحة ألا تكون هناك حروباً . وقد أشار سنان باشا عام 997 هـ . إلى إشعالها بمحاربة المجرمين تحت إلحاح شديد من قبلهم وكانت النتيجة انهزام والي بودا العثماني ومقتل حسن باشا والي الهرسك وسقوط عدة قلاع عثمانية بأيدي النمسا . وفي عام 1027 هـ . حاول السلطان عثمان إبادتهم بإعداد العدة لحشد جيوش جديدة في ولايات آسيا الصغرى وتدريبها وتنظيمها ولما حاول ذلك خلعوه وقتلوه وأعادوا مصطفى الأول الذي خلعوه عام 1032 هـ .
أيضاً وهذه هي نهاية كثير من المصلحين حينما يتاح للجيوش الفاسدة أن تكتب أقدار الأمم .
واستمر الانكشارية في عهد السلطان مراد الرابع سنوات عشر سائرين في طريق الضلال سادرين في غيهم وطغيانهم فهم الذين نصبوه فالأمر والنهى يجب أن يكون لهم ما دام رأس الدولة بأيديهم . وهم الذين قاموا بقتل السلطان إبراهيم الأول خنقاً حينما حاول التخلص منهم ، وهم الذين اربكوا الدولة إذ وضعوها في حالة من الفوضى بقتلهم السلاطين وتولية أولادهم الصغار السن من بعدهم كالسلطان محمد الرابع ، فقام الإفرنج باحتلال أجزاء من البلاد فاضطر الصدر الأعظم والعلماء إلى عزله . ثم ثار الانكشارية في عهد السلطان سليمان الثاني ودخلت جيوش الأعداء بعضاً من أراضي الدولة واحتلتها . وخلع الانكشارية السلاطين مصطفى الثاني ، أحمد الثالث ، مصطفى الرابع ، إلى أن قيض الله للسلطان محمود الثاني عام 1241 هـ . التخلص منهم فقد هيأ لذلك وسلط عليهم المدفعية فدمرتهم وانتهى أمرهم .
13/ كما ان السلاطين العثمانيين تعوّد أغلبهم بعد عهود المجد والقوة أن لا يقودوا الجيوش بأنفسهم وتركوا الأمر لقواد قد يكون بعضهم غير كفء فانهزموا في مواقع كثيرة وتضاءل الحماس والحمية الدينية لغياب السلطان عن مركز قيادة الجيش كما كان يحدث سابقاً .
14/ احتجاب السلاطين وعدم ممارستهم السلطة بأنفسهم والاتكال على وزراء جهال . فقد كان سلاطين آل عثمان حتى السلطان سليم الأول يتولون قيادة الجيش بأنفسهم ، فيبعثون الحماسة والحمية في صدور الجنود ، ثم صار السلاطين يعهدون بالقيادة إلى ضباط فصار الجنود يتقاعسون ويتهاونون تبعاً للمثل القائل ’’ الناس على دين ملوكهم ‘‘
15/ وتسليم أمور الدولة إلى غير الأكفاء من الناس إذ كان طباخ القصر وبستانية وحاطبة والخصي والخادم يصلون إلى رتبة رئاسة الوزارة أو القيادة العامة للجيش . فماذا ينتظر من جاهل أن يفعل ؟
16/ زواج السلاطين بالأجنبيات وتسلط هؤلاء الأجنبيات على عواطف أزواجهن وتصريفهم في سياسة بلادهن الأصلية وتحكمهن بمقدرات الدولة . فكم من الملوك قتلوا أولادهم أو إخوانهم بدسائس زوجاتهم وارتكبوا أعمالاً تضر بمصلحتهم إرضاءً لزوجاتهم .هذا علاوة على زواج بعض السلاطين من الأوروبيات فيه إساءة للأمة.
17/ تعدد الزوجات والمحظيات اللواتي كان الأجانب والحكام يقدمونهن هدية للسلطان كأنهن السلع أو التحف واللواتي كان السلاطين إذا رأوا كثرتهن في قصورهم يهدونهن أحيانا إلى قادتهم أو خواصهم على سبيل التكريم . وكان من البديهي أن يحصل بين أولاد الأمهات وأمهات الأولاد ، سواءً أكانت الأمهات زوجات أو محظيات ، تحاسد وتباغض يؤديان إلى قتل السلاطين أولادهم وإخوانهم والى أمور غير معقولة ومقبولة عقلاً وشرعاً .(وسوف نوضح ذلك أكثر في النقطة التالية)
18/ تفكك روابط الأسرة السلطانية بسبب كثرة النساء حتى أصبحت عادة قتل السلطان إخوانه أو أولاده ، يوم يتولى العرش ، أمراً معروفاً ومألوفاً . وكأنه يضحي بخراف احتفاء بهذا اليوم من غير أن يشعر بوخز ضمير أو لسعة ألم .
قانون (قتل الأخوة)
أما العادة السيئة الأليمة وهي عادة قتل السلاطين لابنائهم وإخوانهم وهي المنافية للإنسانية وإن وجدت لها مبررات واهنة فقد أودت بأرواح الأطفال والأبرياء بلا ذنب ، سوى خوف المنازعة في الملك فيما بعد وحرمت الأمة من رجال قد يكون منهم أفذاذا وعباقرة ، فحل محلهم رجال احتلوا مناصب رفيعة في الدولة وفي قيادة الجيوش من بلاد أوروبا العثمانية تظاهر بعضهم الإسلام و أبطن الكفر وعاد بالدمار والهزيمة إلى البلاد

يتبع . . .

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى